تعبتر قضية فقدان الشهادات الجامعية أو عدم القدرة على استخراجها من الجامعات السورية واحدة من أبرز المشاكل التي يواجهها الطلاب السوريون في بلدان اللجوء وفي المهجر. يحاول معظم الطلاب السوريون اكمال دراستهم أو تعديل شهادتهم في البلدان المستضيفة لهم. نجح الكثير بشكل لافت في تخطي عامل اللغة. ولكن غالباً ما تحول البيروقراطية وشروط القبول في الجامعات دون ذلك.
ر. ب. لاجئ سوري خريج إدارة أعمال من جامعة تشرين جاء إلى برلين في منتصف عام 2015 وتعلم اللغة الألمانية حتى المستوى B2 ولم يتبقى له سوى مستوى واحد ليكون لديه القدرة على الالتحاق بالجامعة بألمانيا. غير أن طموحه في استكمال تحصيله العلمي في شهادة الماجستير قيد التوقيف بسبب عدم وجود شهادته الجامعية معه. ر.ب. يروي قصته لمشروع حلب ويشرح الأسباب التي تمنعه من الحصول على أوراقه الثبوتية.
وفيما يلي شهادة ر.ب
“بدأت القصة في العام 2012 وتحديداً مع بداية شهر رمضان وأول يوم لدخول الجيش الحر لحلب وللحي الذي كنت اقطن فيه (صلاح الدين) حيث كان من أوائل الأحياء المنتفضة في مدينة حلب.
ببداية الامر كنت من أوائل الناس الذين كتبوا على صفحات التواصل الاجتماعي وخرجوا للتظاهر السلمي. تم اعتقالي وتعذيبي أكثر من مرة وأخيراً هددت ان لم اصمت فسوف أفقد عائلتي. هذا الامر دفعني الى ايقاف كل نشاطاتي الثورية ولو مبدئياً وذلك حفاظاً على سلامة عائلتي.
كنت لتوي قد اشتريت منزلا” جديدا” في نفس الحي الذي كنت أسكن فيه مع اهلي في حي صلاح الدين وكنت ايضاً قد انهيت أعمال الترميم والدهان وبدأت بشراء الأثاث ونقل مقتنياتي الشخصية إليه من منزل اهلي. ومع بدأ النشاط العسكري في اول ايام رمضان في الحي وسيطرة الجيش الحر عليه بدأ النظام السوري وقواته بعد قرابة 10 أيام من سيطرة الجيش الحر على الحي بهجوم عسكري قوي وعنيف على الحي مما اضطر الاهالي المدنيين الى ترك بيوتهم والنزوح الى أحياء اخرى أكثر أمناً ربما. ولكن أنا وأهلي قررنا البقاء في منزل العائلة في صلاح الدين. في ذلك اليوم كنت قد نقلت بعض أوراقي وثبوتياتي بما فيها شهادتي الجامعية إلى منزلي الجديد وابقيت بعض الاوراق في منزل اهلي. استمرت العمليات العسكرية من قصف وتدمير في الحي ولم يعد بامكاني الوصول لمنزلي لوقوعه في منطقة الاشتباكات بين الثوار وجيش النظام.
قبل نزوحنا من الحي ومع بداية الهجوم عليه كنت أوثق كل الذي يجري من خراب ودمار بالمنطقة بهاتفي المحمول ومن ثم أقوم بتحميله على شبكة الانترنت بإسم وهمي من منزل اهلي ولكن للاسف لم اعلم ان النظام قد عرف عن طريق رقم الهاتف.
ومع اشتداد القصف على الحي وبضغوطات من الثوار وخوفي على أهلي قررنا الخروج من الحي الى مناطق أكثر أمنا. كان خروجي من منزلي مع أهلي سريعا” على إثر قصف عنيف على الحي وللأسف دون أن أتمكن من احضار أي من أوراقي الثبوتية التي كانت في منزلي. وفي فترة لاحقة، تمكنت من اخراج أوراقي ومستنداتي التي كانت ما تزال في منزل أهلي وبعدها بدأت قصة النزوح حيث نزحنا في فترة سنة واحدة إلى سبعة أحياء في حلب الشرقية. وفي كل مرة كنت أوثق انتهاكات النظام.
في أحد الايام كانت امي قد ذهبت لتقبض راتب أبي (رحمه الله) التقاعدي من مناطق النظام في حلب وعند أحد حواجز النظام أوقفوها وسألوها عني فقالت لاتعلم عني شي فقالو لها اذا ستبقين عندنا ريثما يأتي ابنك الى هنا ولكنها لم تشاء أن تخبرني إلى أن اتصل أحد عناصر الحاجز من هاتفها على هاتفي وقال لي ان لم أسلم نفسي لهم فلن تعود امي الى المنزل وعندها ذهبت بسرعة وسلمتهم نفسي وانا اتمنى ان تكون امي بخير والحمد لله كانت كذلك وابتدأت رحلتي مع العذاب والأفرع الأمنية كافة وهكذا إلى أن توصل أهلي بالخارج وبعد مايقارب السنة والنصف الى ضابط رفيع المستوى بالنظام حيث اتفقوا معه على مبلغ من المال في مقابل تهريبي الى خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام . وتم هذا الأمر بالفعل ومن بعدها خرجت الى تركيا ومن تركيا وصلت الى أوروبا ولكن أهلي بقوا هنا في مناطق سيطرة النظام في حلب وحتى الآن يتعرضون لمضايقات من قبل عناصر ومخابرات النظام بين الفترة والأخرى.
في فترة خروجي من مناطق سيطرة النظام وقبل سفري إلى تركيا تزوجت والحمد لله رزقت بطفلة عمرها الان 3 سنوات واربعة أشهر. عندما غادرت إلى تركيا كان عمرها سنة وخمسة أشهر. كانت زوجتي حامل عندما غادرت إلى تركيا والآن عندي طفل عمره سنة وتسعة أشهر لا اعرفه الا من خلال الصور.
أريد أن أكمل دراستي ليكون عندي القدرة على إعالة أسرتي وتأمين حياة جيدة لأطفالي عندما يأتون إلى ألمانيا قريباً إن شاء الله.